...إِنَّ حَدِيثَنٰا یُحْیِی الْقُلُوبَ...
هكذا يكون رباطة الجأش وقوّة الإيمان عند عليّ الأكبر الذي لم يجد الخوف أو الفرق طريقاً إلى فؤاده ، وعزّى أباه باللطف عمّا كرب قلبه.
ورث الصفات الغر وهي تراثه |
من كلّ غطريف وشهم أصيد |
|
في بأس حمزة في شجاعة حيدر |
بإبا الحسين وفي مهابة أحمد |
|
وتراه في خلق وطيب خلائق |
وبليغ نطق كالنبيّ محمّد |
مقتله عليهالسلام :
وملخّص ما ذكره أصحاب المقاتل من حادثة مصرعه على النحو التالي : ولمّا رأى عليّ الأكبر وحدة أبيه ولم يبق له ناصر جائه يستأذنه في القتال ، فلمّا رآه الحسين أرخى عينيه بالدموع واحتضن ولده وراح يشمّه ويئنّ من فراقه. ثمّ أفرغ عليه لامة حربه وأدرع بدرع عادية ومغفر فولاذي وأسرج له العقاب فرس رسول الله بالسرج الذي ورثه من أبيه ، وكان عليّ الأكبر في صباحة الغرّة وملاحة الوجه بالمحلّ الذي يشرف أهل المدينة على السطوح المطلّة على الجواد التي يمرّ بها لرؤيته ومشاهدة بهائه ، وما زال يلحّ في طلب الإذن حتّى أذن له ، ثمّ أمّ الخيمة لوداع الأهل والعيال ، فدرن به عمّاته وأخواته وباقي النسوة ، ثمانون امرأة من صغيرة وكبيرة كالفراشات تدور على مشعل النور ، الله أكبر ، إنّ الحجر الصوّان يتفّتت لرؤية هذا المنظر المريع ، ولم يعلم إلّا الله بما في قلوب أهل البيت من الحزن ذلك اليوم [١].
[١] في الدمعة الساكبة ، قال : لمّا توجّه إلى الحرب اجتمعت النساء حوله كالحلقة وقلن له : ارحم غربتنا ولا تستعجل إلى القتال فإنّه ليس لنا طاقة في فراقك ، فلم يزل يبالغ ويجتهد في طلب الإذن من أبيه حتّى أذن له فأرخى الحسين عليهالسلام عينيه الدموع ثمّ قال : اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم إنّه قد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك وكنّا إذا اشتقنا إلى لقاء نبيّك